للشيخ الأقدم والمحدث الاكبر أبي جعفر الصدوق المتوفى سنة ٣٨١ للهجرة
نبذة عن حياة المؤلف
هو رئيس المحدثين والشيخ الأقدم أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين
ابن موسى بن بابويه القمي المعروف بالصدوق قدس الله سره . القلم عاجز عن إطرائه والثناء عليه لعظمته وشدته في العلم والوثاقة وكثرة التصانيف، فهو وجه الشيعة على الاطلاق وفقيههم، ولم يرق درجته أحد، لقد انحدر في أشهر بيوتات العلم في قم بيت بابويه الذي ذاع صيتهم في الفضيلة، ويكفيه فخراً حيث وصفه الإمام الحادي عشر أبو محمد الحسن العسكري ان بالولد العالم حيث كتب الإمام رسالة إلى والد
المؤلف يقول فيها :
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين والجنة للموحدين، والنار للملحدين ولا عدوان إلا على الظالمين، ولا إله إلا الله أحسن الخالقين، والصلاة على خير خلقه محمد وعترته الطاهرين، أما بعد أوصيك يا شيخي ومعتمدي وفقيهي – أبا الحسن علي بن الحسين القمي وفقك الله لمرضاته، وجعل من صلبك أولاداً صالحين برحمته – بتقوى الله وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، فإنه لا تقبل الصلاة من مانعي الزكاة «الخ» …
مولده ونشأته:
ولد يقم (1) في حدود سنة ٣٠٦هـ. ونشأ بها تحت رعاية أبيه الذي كان علم الناس في زمانه وأتقاهم، وتخرج على مشايخها، ثم هاجر إلى الري سنة ٣٣٨هـ بدعوة من أهاليها وأقام بها إلى سنة ٣٥٢هـ، ثم استأذن من الملك ركن الدولة البويهي للسفر إلى زيارة الإمام الرضا الان فسافر في تلك السنة إلى خراسان وذلك في شهر رجب، وبعد إكمال الزيارة والدعاء له وللمؤمنين تحت قبة الإمام الثامن ، دخل نيسابور في شهر شعبان من نفس السنة، وسمع جمعاً من مشايخها، ثم رحل إلى بغداد في تلك السنة وسمع جمعاً من مشايخها، منهم ابن أبي طاهر العلوي الحسيني. والدواليبي، وإبراهيم الهيستي.
وفي سنة ٣٥٤هـ ورد الكوفة وسمع جماعة من مشايخها .
ثم زار بيت الله الحرام بمكة في تلك السنة وعند رجوعه من مكة حدثه يفيد (1) أبو علي البيهقي وفي تلك السنة ورد همدان وسمع شيوخها .
ثم دخل بغداد مرة أخرى سنة ٣٥٥هـ ، وزار مشهد الإمام الثامن بخراسان ٣٦٧، مرتين أخريين مرة في سنة ومرة يوم الثلاثاء، في السابع عشر من شعبان سنة ٣٦٨هـ ثم خرج إلى بلاد ما وراء النهر ورحل إلى بلخ وسمع مشايخها، وحدثه ببلغ الحاكم أبو حامد أحمد بن الحسين بن الحسن بن علي، ثم ورد سرخس وسمع أبا نصر الفقيه محمد بن أحمد بن تميم السرخسي، ثم سمع بمدينة إيلان مشايخها، وورد عليه بتلك القصبة الشريف أبو عبد الله محمد بن الحسن بن إسحاق بن موسى بن جعفر فذاكره بكتاب صنفه محمد بن زكريا الرازي في الطب وأسماء من لا يحضره الطبيب، وسأله أن يصنف له كتاباً في الفقه والحلال والحرام والشرائع والأحكام موفياً على جميع ما صنف له في معناه فأجابه وألف له كتاب من لا يحضره الفقيه والكتاب هو المرجع الأعلى للفقه الجعفري وأحد الكتب الأربعة المعتمدة عند الطائفة الشيعية .
أقوال العلماء فيه
قال الشيخ الطوسي : محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي جليل القدر حافظ للأحاديث بصير بالرجال، ناقد للأخبار لم ير في
القميين مثله في حفظه وكثرة علمه له نحو ثلاثمائة مصنف …
وقال النجاشي في رجاله : أبو جعفر نزيل الري، شيخنا وفقيهنا ووجه الطائفة بخراسان، ورد بغداد سنة ٣٥٥هـ وسمع منه شيوخ الطائفة وهو حدث
السن .
وقال الخطيب البغدادي في تاريخه نزل بغداد وحدث بها عن أبيه، وكان من شيوخ الشيعة ومشهوري الرافضة، حدثنا عن محمد بن طلحة
الثعالبي .
وقال ابن إدريس في السرائر : كان ثقة جليل القدر، بصيراً بالأخبار ناقداً للآثار
عالماً بالرجال، وهو أستاذ شيخنا المفيد.
وأطراه كل من ابن شهر اشوب في معالم العلماء، والسيد ابن طاووس في
الإقبال، والمحقق الحلي في مقدمة المعتبر، والعلامة الحلي في خلاصة
الأقوال.
وقال أبو داود في رجاله : أبو جعفر الصدوق جليل القدر بصير بالفقه
والأخبار، شيخ الطائفة وفقيهها بخراسان، له مصنفات كثيرة .
ووصفه فخر المحققين : بالشيخ الإمام.
والشهيد الأول بالإمام ابن الإمام الصدوق.
والشيخ علي بن هلال الجزائري : بالصدوق الحافظ .
والمحقق الكركي بالشيخ الفقيه الثقة إمام عصره .
والشيخ إبراهيم القطيفي بالشيخ الصدوق الحافظ .
والشهيد الثاني : بالشيخ الإمام العالم الفقيه الصدوق .
والشيخ البهائي في الدراية برئيس المحدثين حجة الإسلام.
والمحقق الداماد بالصدوق ابن الصدوق وعروة الإسلام.
والمولى المجلسي الأول : بالإمام السعيد الفقيه ركن من أركان الدين ..
والعلامة المجلسي الثاني : بالفقيه الجليل المشهور.
والحر العاملي : بالشيخ الثقة الصدوق رئيس المحدثين .
والسيد هاشم البحراني : بالشيخ الصدوق وجه الطائفة، رئيس المحدثين
الثقة .
قال السيد الخونساري في روضات الجنات ص ٥٣ : الشيخ المعلم الأمين، عماد الملة والدين، رئيس المحدثين، أبو جعفر الثاني محمد بن الشيخ المعتمد الفقيه النبيه أبي الحسن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي المشتهر بالصدوق، أمره في العلم والعدالة والفهم والنبالة والفقه والجلالة والثقة وحسن الحالة وكثرة التصنيف وجودة التأليف، وغير ذلك من صفات البارعين، وسمات الجامعين، أوضح من أن يحتاج إلى بيان، أو يفتقر إلى تقرير القلم في مثل هذا المكان إلى آخر ما قاله في عظمته ووثاقته وبقية ترجمته .
آثاره القيمة
إن مصنفات الشيخ تبلغ ثلاثمائة كتاب في شتى فنون العلم وأنواعه نص على ذلك الشيخ الطوسي في الفهرست وعد أربعين كتاباً، وأورد النجاشي في رجاله نحواً من مائتين من كتبه كلها قيمة، قد استفادت عنه الأمة منذ تأليف
الكتب إلى زماننا الحاضر ونورد أسماء بعضها :
– من لا يحضره الفقيه .
– عيون أخبار الرضا .
– معاني الأخبار .
– التوحيد.
– الأمالي أو المجالس .
– الخصال .
– ثواب الأعمال.
– كمال الدين وتمام النعمة .
– مشيخة الفقيه .
– علل الشرائع وهو هذا الكتاب (۱).
مشايخه وتلامذته
إن أساتذته ومشايخه ومن روى عنهم كثيرون، لا يمكن في هذه الصفحات أن تذكر أسماءهم، وقد سجل في كتب التراجم والسير أكثر من (٢٥٠) شخصاً من كبار الرواة في مختلف المدن .
وأما تلامذته والراوون عنه فإن شيوخ الطائفة قد سمعوا منه وهو حدث السن. وإن عددهم أكثر من مشايخه، ولكن لم نقف على أسمائهم بالتفصيل
على القليل والقليل جداً :
– الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان التلعكبري.
– السيد المرتضى علم الهدى.
– والد الرجالي الكبير النجاشي علي بن أحمد بن العباس .
– محمد بن طلحة التعالي شيخ الخطيب البغدادي صاحب التاريخ . ه – أخوه أبو عبد الله الحسين بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي .
– أبو علي الشيباني القمي مؤلف تاريخ قم».
وفاته ومدفنه
توفي الشيخ تخلله في بلدة الري سنة ٣٨١هـ، وقد بلغ عمره الشريف نيفاً وسبعين سنة، ودفن بالقرب من قبر السيد عبد العظيم الحسني بالري في بستان طغرلية في بقعة شريفة وعليها قبة عالية يزوره الناس ويتبركون به، وقد جدد عمارة المرقد الشريف السلطان فتح علي شاه قاجار سنة ١٢٣٧هـ وذلك بعد ما شاع من حصول كرامات عديدة من مرقده بعد وفاته .
بيروت في ٢٠٠٦/٧/١
حسين الأعلمي
المراجعات
لايوجد مراجعات بعد